فوز مرسي نقطة تحول
ارسال الى صديق طباعةطباعة مع التعليقات تكبير/تصغير الخط
يحيى محمود
نزع اعلان فوز الدكتور محمد مرسي بمنصب اول رئيس لمصر الثورة فتيل انفجار الثورة الثانية، التي خيمت اجواؤها خلال الايام والساعات التي سبقت اعلان النتيجة.ومن الواضح ان هذه الايام والساعات شهدت اكثر مما صرحت به اللجنة العليا للانتخابات من تفاصيل فنية ادت الى تاخير اعلان النتيجة وتتعلق بتدقيق النتائج والتحقيق في الطعون. وعلى اهمية ما ارادت اللجنة ايصاله حول نزاهة النتيجة التي اعلنتها الا ان القراءة السياسية في طبيعة اللقاءات والاتصالات، السرية منها والعلنية، داخل مصر وخارجها، تشير الى ان اعلان فوز مرسي لم يكن ليتم في غياب التوافق السياسي المصري الداخلي، بين المجلس العسكري وحركة الاخوان المسلمين برعاية خارجية ان لم يكن اكثر من مجرد الرعاية.ومن تابع البيانات المتتالية الصادرة عن الولايات المتحدة منذ حل مجلس الشعب واصدار المجلس العسكري للاعلان الدستوري المكمل، لاحظ مدى الضغط الذي ذهبت اليه البيانات الاميركية والتي وصلت حد التهديد بقطع المساعدات العسكرية وتجميد العلاقات ان لم يسلم المجلس السلطة الى المدنيين.
ومع ان هناك من قد يجتهد بان التهديدات الاميركية للمجلس بضرورة تسليم السلطة للرئيس المنتخب، جاءت سابقة لاعلان النتائج، التي كان يمكن ان تذهب لصالح الفريق احمد شفيق المحسوب على العسكر والنظام السابق، الا ان هذه البيانات جاءت متزامنة مع الاعلان عن النتائج الاولية غير الرسمية، وهي النتائج التي جرى وضعها تحت مجهر الرقابة الاميركية المكثفة.وعلى وقع هذا الموقف الاميركي الذي كان له دوره الحاسم في تبديد اي فرصة للقفز على النتائج الفعلية للانتخابات، شهدت كواليس السياسة المصرية اتصالات ماراثونية للتفاهم على ترتيبات ما بعد اعلان النتائج.وفي اطار العلاقة المنتظرة للرئيس الجديد مع المجلس العسكري من الواضح ان مرحلة من التهدئة المتبادلة ستاخذ طريقها الى الواجهة، بالتزامن مع تفاهمات اوسع جرى ترتيبها بين مرسي وحزبه من جهة وقوى الثورة والمستقلة الاخرى،والتي ستجد تعبيراتها في مؤسستي الرئاسة والحكومة المقبلة.
وبغض النظر عن تفاصيل ما ستشهده بدايات المرحلة السياسية الجديدة التي دخلتها مصر مع فوز مرسي، الا ان الاهم الذي ستظل الانظار متجهة اليه هو المدى الذي يمكن ان تذهب اليه جماعة الاخوان المسلمين في تقبل الدولة المدنية الديمقراطية، بعد اعلان مرسي في اول خطاب له عن توجهات سياسته الخارجية، مؤكدا التزامه بالمواثيق الدولية والاتفاقات الموقعة مع دول العالم، بما في ذلك اتفاق السلام مع اسرائيل بالطبع.وبدخول الاسلام السياسي في مصر الى ساحة التنافس الديمقراطي على السلطة،وهو محروم من ادوات السلطة المطلقة،بحياد القوات المسلحة وحضور القوى السياسية القادرة على المعارضة النشطة،فان قدرته على انجاز البرامج المحققة لتطلعات جماهير الناخبين في مختلف المجالات هي التي ستحدد موقعه على خارطة السلطة التي فاز الاسلام السياسي باعلى مواقعها بانتخاب مرسي رئيسا للجمهورية، والتي يمكن ان يخسرها ايضا بعد اربع سنوات ان لم يحقق ما يتطلع اليه الناخبون.وخلاصة القول ان فوز جماعة الاخوان برئاسة مصر لن يكون عنوانا لاستبداد جديد حتى لو ارادوا او حاولوا ذلك. وهو الامر الذي يبدو انه برسم التعميم على مستوى الاقليم.